بحر القصيدة ... الطويل
يمدح المحلق بن خنثم بن شداد بن ربيعة .. فقال ...
أرِقْتُ وَمَا هَذَا السُّهَادُ المُؤرِّقُ
وَمَا بيَ مِنْ سُقْمٍ وَما بيَ مَعشَقُ
وَلَكِنْ أرَاني لا أزَالُ بِحَادِثٍ
أُغادَى بما لمْ يُمسِ عندي وَأُطْرَقُ
فإنْ يُمسِ عندي الشّيبُ وَالهمّ وَالعشَى
فَقَدْ بِنّ مِنّي، وَالسِّلامُ تُفَلَّقُ
بِأشْجَعَ أخّاذٍ على الدّهْرِ حُكْمَهُ
فمِنْ أيّ ما تَجني الحَوَادثُ أفرَقُ
فَمَا أنتَ إنْ دَامَتْ عَلَيْكَ بخالِدٍ
كمَا لمْ يُخَلَّدْ قَبْلُ سَاسَا وَمُورَقُ
وَكِسرَى شَهِنشاهُ الذي سَارَ مُلكُهُ
لَهُ ما اشتَهَى رَاحٌ عَتِيقٌ وَزَنْبَقُ
وَلا عَادِيَا لمْ يَمْنَعِ المَوْتَ مَالُهُ
وِرْدٌ بِتَيْمَاءَ اليَهُوديّ أبْلَقُ
بَنَاهُ سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ حِقْبَةً
لَهُ أزَجٌ عَالٍ وَطيٌّ مُوَثَّقُ
يُوَازِي كُبَيْدَاءَ السّمَاءِ وَدُونَهُ
بَلاطٌ وَداراتٌ وَكِلْسٌ وَخَنْدَقُ
لَهُ دَرْمَكٌ في رَأسِهِ وَمَشَارِبٌ
وَمِسْكٌ وَرَيْحَانٌ وَرَاحٌ تُصَفَّقُ
وَحُورٌ كَأمْثَالِ الدُّمَى، وَمَناصِفٌ
وَقِدْرٌ وَطَبّاخٌ، وَصَاعٌ وَدَيسَقُ
فَذاكَ وَلمْ يُعْجِزْ مِنَ المْوتِ رَبَّهُ
وَلَكِنْ أتَاهُ المَوْتُ لا يَتَأبّقُ
وَلا المَلِكُ النُّعْمَانُ يَوْمَ لَقِيتَهُ
بِإمّتِهِ يُعْطِي القُطُوط وَيَأفِقُ
وَيُجْبَى إلَيْهِ السّيْلَحُونَ، وَدونَها
صَرِيفُونَ في أنْهَارِهَا وَالخَوَرْنَقُ
وَيَقْسِمُ أمْرَ النّاسِ يَوْماً وَلَيْلَةً
وَهُمْ سَاكِتُونَ، وَالمَنِيّةُ تَنطِقُ
وَيَأمُرُ لِلْيَحْمُومِ كُلَّ عَشِيّةٍ
بِقَتٍّ وتَعلِيقٍ وقد كادَ يسنقُ
يُعَالى عَلَيه الجُلّ كُلَّ عَشِيّةٍ
وَيُرْفَعُ نُقْلاً بِالضّحَى وَيُعَرَّقُ
فَذاكَ، وَمَا أنْجَى مِنَ المَوْتِ رَبَّه
بِسَابَاطَ، حتى ماتَ وَهوَ مُحَزْرَقُ
وَقَدْ أقْطَعُ اليَوْمَ الطّوِيلَ بفِتْيَةٍ
مَسَاميحَ، تُسقى، وَالخِباءُ مُرَوَّقُ
وَرَادِعَةٍ بِالمِسْكِ صَفْرَاءَ عِنْدَنَا
لجَسّ الندامى في يَدِ الدّرْعِ مَفتَقُ
إذا قُلتُ غَنّي الشَّرْبَ قامَتْ بمِزْهَرٍ
يكادُ إذا دارَتْ لَهُ الكَفُّ يَنطِقُ
وَشَاوٍ إذا شِئْنَا كَمِيشٌ بمِسْعَرٍ
وَصَهْبَاءُ مِزْبَادٌ، إذا ما تُصَفَّقُ
تُرِيكَ القَذَى منْ دُونِها وهيَ دونه
إذا ذَاقَهَا مَنْ ذَاقَهَا يَتَمَطّقُ
وَظَلّتْ شَعِيبٌ غَرْبَةُ المَاءِ عندَنا
وَأسْحَمُ مَمْلُوءٌ مِنَ الرّاحِ مُتأقُ
وَخَرْقٍ مَخوفٍ قدْ قَطَعتُ بجَسرَةٍ
إذا خَبّ آلٌ فَوْقَهُ يَتَرَقْرَقُ
هيَ الصّاحبُ الأدْنَى وَبَيْني وَبَيْنَها
مَجُوفٌ عِلافيٌّ، وَقِطْعٌ وَنُمْرُقُ
وَتُصْبحُ مِنْ غِبّ السُّرَى، وَكَأنّما
ألمّ بهَا مِنْ طَائِفِ الجِنّ أوْلَقُ
منَ الجاهلِ العِرّيضِ يُهدي ليَ الخَنا
وَذَلِكَ مِمّا يَبْتَرِيني وَيَعْرُقُ
فَمَا أنَا عَمّا تَعْمَلُونَ بِجَاهِلٍ
وَلا بِشَبَاةٍ جَهْلُهُ يَتَدَفّقُ
نَهارُ شَرَاحيل بنِ طَوْدٍ يُرُيبُني
وَلَيْلُ أبي لَيْلَى أمَرُّ وَأعْلَقُ
وَمَا كُنتُ شاحِرْدا وَلكِنْ حَسِبتُني
إذا مِسْحَلٌ سَدّى ليَ القوْلَ أنطِقُ
شَرِيكَانِ فيما بَيْنَنا مِنْ هَوَادَةٍ
صَفِيّانِ جِنِّيُّ، وَإنْسٌ مُوَفَّقُ
يَقُولُ، فَلا أعْيَا لشَيءٍ أقُولُهُ
كَفانيَ لا عَيٌّ، وَلا هُوَ أخْرَقُ
جِماعُ الهَوَى في الرّشْدِ أدنى إلى التقى
وَتَرْكُ الهَوى في الغَيّ أنجَى وَأوْفَقُ
إذا حَاجَةٌ وَلّتْكَ لا تَسْتَطِيعُهَا
فَخُذْ طَرَفاً من غَيرِها حينَ تَسبِقُ
فَذَلِكَ أدْنَى أنْ تَنَالَ جَسِيمَها
وَللقَصْدُ أبْقَى في المَسِيرِ وَألحَقُ
أتَزْعُمُ لِلأكْفَاءِ مَا أنْتَ أهْلُهُ
وَتَختالُ إذْ جارُ ابنِ عَمّك مُرْهَقُ
وَأحْمَدتَ أنْ ألحَقتَ بالأمسِ صِرْمةً
لهَا غُدُرَاتٌ، وَاللّوَاحِقُ تَلْحَقُ
فَيَفْجَعْنَ ذا المَالِ الكَثِيرِ بمَالِهِ
وَطَوْراً يُقَنّينَ الضّرِيكَ، فيَلحقُ
أبَا مِسمَعٍ سَارَ الذي قَدْ صَنَعْتُمُ
فَأنْجَدَ أقْوَامٌ بِذَاكَ وَأعْرَقُوا
وَإنّ عِتَاقَ العِيسِ سَوْفَ يَزُورُكم
ثَنَاءٌ، عَلى أعْجَازِهِنّ، مُعَلَّقُ
به تُنْفَضُ الأحلاسُ في كلّ مَنزِلٍ
وَتُعقَدُ أطرَافُ الحِبالِ، وَتُطْلَقُ
نهَيتُكُمُ عَن جَهلِكمْ وَنَصرْتكُمْ
عَلى ظُلمِكُمْ، وَالحازِمُ الرّأيِ أشفقُ
وَأنْذَرْتُكُمْ قَوْماً لكُمْ تَظلمونهمْ
كِرَاماً فإنْ لا يَنْفَدِ العَيْشُ تَلتَقوا
وَكَمْ دُونَ لَيْلى مِنْ عَدُوٍّ وَبَلدةٍ
وَسَهبٍ بهِ مُستَوْضِحُ الآلِ يَبرُقُ
وَأصْفَرَ كَالحِنّاءِ طَامٍ جِمَامُهُ
إذا ذَاقَهُ مُسْتَعْذِبُ المَاءِ يَبْصُقُ
وَإنّ امْرَأً أسْرَى إلَيْكِ، وَدُونَهُ
فَيَافٍ تَنُوفاتٌ، وَبَيْداءُ خَيْفَقُ
لمَحْقُوقَةٌ أنْ تَسْتَجيبي لِصَوْتِهِ
وَأنْ تَعْلَمي أنّ المُعَانَ مُوَفَّقُ
وَلا بُدّ مِنْ جَارٍ يُجِيزُ سَبِيلَهَا
كمَا جَوّزَ السّكّيَّ في البابِ فَيْتَقُ
لَعَمرِي، لَقد لاحَتْ عُيُونٌ كَثيرَةٌ
إلى ضَوءِ نَارٍ في يَفَاعٍ تُحَرَّقُ
تُشَبّ لمَقْرُورَيْنِ يَصْطَلِيَانِهَا
وَبَاتَ عَلى النّارِ النّدَى وَالمُحَلَّقُ
رَضِيعَيْ لِبَانٍ ثَدْيَ أُمٍّ تَحَالَفَا
بِأسْحَمَ داجٍ عَوْضُ لا نَتَفَرّقُ
يَدَاكَ يَدا صِدْقٍ فكَفٌّ مُفِيدَةٌ
وَأُخْرَى، إذا مَا ضُنّ بالزّادِ، تُنْفِقُ
ترَى الجُودَ يَجرِي ظاهراً فوْقَ وَجهه
كمَا زَانَ مَتنَ الهِندُوَانيّ رَوْنَقُ
وَأمّا إذا مَا أوّبَ المَحْلُ سَرْحَهُمْ
وَلاحَ لهُمْ مِنَ العَشِيّاتِ سَمْلَقُ
نَفَى الذّمَّ عَنْ آلِ المُحَلَّقِ جَفنَةٌ
كَجابيَةِ الشّيْخِ العِرَاقيّ تَفْهَقُ
يَرُوحُ فَتى صِدْقٍ، وَيَغْدُو عَلَيهمُ
بمِلْءِ جِفَانٍ مِنْ سَدِيفٍ يُدَفَّقُ
وَعَادَ فَتى صِدْقٍ عَلَيْهِمْ بجَفنَةٍ
وسَوْداءَ لأياً بِالمَزَادَةِ تُمْرَقُ
تَرَى القَوْمَ فيها شَارِعِينَ وَدُونَهمْ
من القَوْمِ وِلدانٌ من النّسلِ دَرْدَقُ
طَوِيلُ اليَدَينِ، رَهْطُهُ غَيرُ ثِنْيَةٍ
أشَمُّ كَرِيمٌ جَارُهُ لا يُرَهَّقُ
كَذَلِكَ فَافْعَلْ مَا حَييتَ إليهمُ
وَأقْدِمْ إذا ما أعيُنُ النّاسِ تَبْرَق